من لم يقرأ تفسير سورة الفتح وسبب نزولها, لا يعلم أن اسم السورة ليس المقصود منه فتح مكة, وإنما المقصود ذلك التمدد الذي حصل للدعوة الإسلامية بالدعوة السلمية, وهو فتح لا شك عظيم, خلال فترة الصلح الذي أبرمه الرسول صلى الله عليه وسلم مع قريش, والذي لم تصبر عليه قريش فنقضته حليفتها بكر.
إنها لغة الأرقام التي تكلمت في ذلك الزمن, ودخول فئام من العرب في دين الله, هو الذي أزعج قريشاً, وليت شعري, فكأنما الزمان استدار كهيئته يوم أبرم صلى الله عليه وسلم ذلك الصلح, وانتهزها المسلمون آنذاك للتحرك بالدعوة بدون قتال, فاليوم تتحدث لغة الأرقام من جديد, معلنة أن الإسلام هو الأسرع انتشاراً في الأرض, فمئات الألوف يدخلون في دين الله في مشارق الأرض ومغاربها, حتى أن المتعصبون من اليهود والنصارى دقوا أجراس الخطر منذرين بني قومهم بأن الإسلام سيكتسحهم في القريب, تماماً كما فعلت قريش عن طريق حليفتها,بكر, حتى عادت للحرب, فهؤلاء المتعصبون لا يهنأ لهم بال حتى يشعلوا الحروب مع المسلمين من جديد, كما فعل أسلافهم الصليبيون.
ولولا ما يحدث من حوادث تفجير في بلاد الغرب من قبل بعض أبناء المسلمين, للأسف الشديد, تُزهق فيها أرواح الأبرياء من المدنيين لكان دخول الغرب في الإسلام أكبر وأعظم.
ونحتاج في مشاريعنا الدعوية أن نُهدأ من مخاوف الغرب من دخول أهله في الإسلام, وذلك بوضع خطة إستراتيجية تكون رسالتها أن الإسلام رحمة للعالمين, ويكون من أهم برامجها الاعتناء بالمسلمين الجدد في تلك البلاد, وتربيتهم وتعليمهم حتى يكونوا دعاة هدى ورحمة لبني جلدتهم.